إذا كنت مستيقظاً، فقد تفهم مخاوفي. وإن لم تكن كذلك، قد يبدو ما سأقوله وكأنني فقدت صوابي—ولن ألومك إن ظننت ذلك. أعلم أن هذا المنشور قد يبدو درامياً، وربما كان من الأفضل أن أحتفظ به في دفتر يومياتي الخاص أو أن أشاركه مع صديق في نقاش طويل. ولكنني أشارككم هذه الأفكار الآن لأنها تتراكم في ذهني، وأخشى أن أبدو مثل شخص غير مدرك للواقع.
ومع ذلك، أعتقد أننا جميعاً نشارك في هذه المشاعر أو الأسئلة:
- الوقت أصبح بلا قيمة، يمضي بسرعة فائقة.
- الذكاء الاصطناعي يقتل الإنترنت ببطء.
- هناك خوف متزايد من مستقبل مجهول.
- لماذا نشعر دوماً بأننا قديمون وغير محدثين؟
- لماذا يبدو كل يوم وكأنه تكرار ممل؟
السنوات الخمس الأخيرة مرت بسرعة من أي وقت مضى، وهذه السنة كانت الأسرع. أعتقد أن هذه السرعة مرتبطة بسوء استخدام ابتكاراتنا التكنولوجية. على مر التاريخ، ارتكب الإنسان أخطاء، ولكن يبدو أن أكبر أخطائنا هو الابتكار ذاته—الخطأ الذي لا نزال ندفع ثمنه. في كل مرة نحاول "إصلاح" الأمور وخلق حياة أكثر سلاماً، نغوص أعمق في النتائج الضارة.
خذ على سبيل المثال اكتشاف الحديد—ساعدنا في صنع أدوات للبقاء، ولكنه أدى أيضاً إلى إنتاج أسلحة أكثر فتكاً. أو البلاستيك، الذي كان يُعتبر إنقاذاً للبيئة ولكنه أصبح الآن من أسوأ الاختراعات التي تلوث عالمنا. والآن، في العصر الرقمي، لدينا اختراع جديد ورائج: الذكاء الاصطناعي. إنه مدمج في كل شيء—التطبيقات، الأجهزة، السيارات.
بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبحت المهام التي كانت تستغرق مني ساعات تكتمل الآن في ثوانٍ. النتائج سريعة ودقيقة. يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء مقاطع فيديو، مقالات، صور، موسيقى—كل شيء—وفي كثير من الأحيان لا يمكننا التمييز ما إذا كان صُنع بواسطة إنسان أم آلة. قد يبدو هذا كنعمة، ولكن عند إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، قد يتحول إلى لعنة تدمّر جوهر الإنترنت ذاته.
أرى الذكاء الاصطناعي كمجرى صغير قد يغمر قريباً الإنترنت بالكامل. كان الإنترنت دائماً منصة للوصول إلى الأهداف، مشاركة المعرفة، والتعلم من الآخرين. كما أنه يقدم فرصاً للمبدعين ليتم اكتشافهم—سواء كانوا كتّاباً، أو مصوري فيديو، أو مبرمجين، أو مصممي جرافيك. يعتمد معظم الإنترنت على المحتوى المرئي الذي يتم مشاركته على منصات مثل يوتيوب أو تيك توك. هذا المحتوى، الذي كان في الأصل من إنتاج البشر، بات الآن مهدداً بالإنتاج بواسطة الذكاء الاصطناعي. قريباً، قد نجد أنفسنا نشاهد مقاطع فيديو متشابهة إلى حد كبير، مع تضاؤل الإبداع واختفاء الأصالة.
ينطبق نفس الخوف على أشكال أخرى من المحتوى—المقالات، الصور، والموسيقى. تصفح إنستجرام أو قراءة المقالات عبر الإنترنت سيصبح أقل واقعية لأننا لن نتمكن من الثقة في ما إذا كان المحتوى من صنع البشر أم الذكاء الاصطناعي.
كيف تطورت ثقافة الإنترنت:
- 2000-2008: عصر المراسلة
- 2008-2016: عصر المراسلة والألعاب
- 2016-2023: عصر التأثير والألعاب
- 2024 وما بعدها: عصر الذكاء الاصطناعي والتأثير
منذ عام 2000 وحتى 2023، كان الإنترنت مبنياً بواسطة البشر. ولكن بدءاً من هذا العام، وفي السنوات القادمة، سيبدأ الذكاء الاصطناعي في تشكيله.
تخيل أن تبحث في يوتيوب عن "كيفية ربط ربطة العنق"، وبدلاً من مشاهدة شخص حقيقي، تظهر لك فيديوهات تم إنشاؤها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي—صوت بشري مثالي وجسم مثالي، ولكن كل شيء مصطنع. أو تخيل مقطع فيديو علمي بأسلوب Kurzgesagt تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي. هذا قد يحبط المبدعين الحقيقيين عن صنع المحتوى. لماذا يستثمرون الوقت والجهد عندما يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بذلك بشكل أسرع، وفي بعض الأحيان بشكل أفضل؟
قريبا رستشعر بالملل وتفقد التقة وشغفك بالعالم الرقمي. قد يبدو هذا الأمر جيداً—ربما يساعدنا هدا على التوقف عن إضاعة الوقت عبر الإنترنت والتركيز على الحياة الواقعية. لكن الحقيقة المؤسفة هي أننا لا نستطيع الهروب منها. فحياتنا الآن تدور حول الخدمات عبر الإنترنت، وسنظل عالقين في استهلاك محتوى لا نهاية له، مكرر وغير موثوق به، وسيكون الكثير منه من إنتاج الذكاء الاصطناعي.
الحقيقة هي أننا نحن من ابتكرنا الروبوتات، ولكنها الآن تخلق شيئًا يهدم كل ما بنيناه. من خلال السماح للذكاء الاصطناعي بتوليد المحتوى، فإننا ندمر ببطء الأساس ذاته للإبداع والأصالة الذي بُني عليه الإنترنت.
الذكاء الاصطناعي لا يقتل الإنترنت فحسب، بل إنه أصبح أداة خطيرة. تتسابق الشركات لبناء أفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التي تحاكي النتائج البشرية، مما يخلق شعورًا بالخوف. باستخدام صورة واحدة وبضع ثوانٍ من صوتك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصنع مقطع فيديو لم يحدث أبدًا. وهذا يثير مخاوف أخلاقية مثيرة للقلق، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة كوسيلة للابتزاز والتهديد.
من أهم العوامل التي ساهمت في انتشار المحتوى الصناعي هو المنتجون الهواة الذين يهدفون إلى جني الأموال بسرعة، وبفضل هذه الأدوات أصبح من السهل إنشاء كميات كبيرة من المحتوى بمجهود قليل وفي وقت قصير، وكثيرًا ما يفتقر هذا النوع من المحتوى إلى المعلومات الدقيقة، ولأن هذا المحتوى سهل الإنشاء فإنه يُنشر بكميات كبيرة وبالتالي يغرق الإنترنت بشكل غير طبيعي على كافة المواقع والمنصات، وهذا أمر محبط بالنسبة للمبدعين المحترفين، وربما لاحظت أن معظم أنشطتهم تراجعت مؤخرًا، وسرعان ما ستعاني الشركات والمطورون الذين يروجون لهذه الأدوات.
المفترض أن يكون الإنترنت مكانًا للتواصل والتعلم والإبداع - مكانًا بناه البشر. لا يمكننا السماح للذكاء الاصطناعي بتدمير ذلك.
كيف ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي
يجب حصر استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات التالية:
- تحسين تجربة المستخدم في تطوير المواقع.
- المساعدة في تحليل البيانات.
- تقديم تنبؤات وتحليلات مستقبلية.
باختصار، يجب استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة في العملية الإبداعية، وليس كبديل كامل عن هذه العملية.
كيفية إيقاف ثقافة الذكاء الاصطناعي
توجد حلول لكل مشكلة، وهذه هي اقتراحاتي:
- يجب على الشركات الكبرى التوقف عن الترويج للمحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث.
- علينا تشجيع ودعم المبدعين الذين يقدمون محتوى من صنع البشر، وتقليل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عملية الإبداع بأكملها.
- تجنب الإفراط في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
- تطوير إضافات متقدمة للمتصفحات قادرة على تحديد ما إذا كان المحتوى قد تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، سواء كان نصاً أو صوراً أو مقاطع فيديو.
تعليقات
إرسال تعليق